الضمير
الضمير لغة: من الضمور وهو الهزال لقلة حروفه أو من الإضمار وهو الإخفاء لكثرة استتاره.
وفي الاصطلاح: ما كني به عن الظاهر اختصارا وقيل: ما دل على حضور، أو غيبة لا من مادتهما.
فالدال على الحضور نوعان:
أحدهما: ما وضع للمتكلم مثل: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّه} [غافر: من الآية 44] .
الثاني: ما وضع للمخاطب مثل: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: من الآية 7].
وهذان لا يحتاجان إلى مرجع اكتفاء بدلاله الحضور عنه. والدال على الغائب، ما وضع للغائب. ولابد له من مرجع يعود عليه.
والأصل في المرجع أن يكون سابقا على الضمير لفظا ورتبه مطابقا له لفظا ومعنى مثل: {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ} [هود: من الآية 45].
وقد يكون مفهومًا من مادة الفعل السابق مثل: {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: من الآية 8].
وقد يسبق لفظًا لا رتبة مثل: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ } [البقرة: من الآية 124] وقد يسبق رتبة لا لفظًا مثل: (حمل كتابه الطالب).
وقد يكون مفهومًا من السياق مثل: {وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَد} [النساء: من الآية 11] فالضمير يعود على الميت المفهوم من قوله: {مما ترك} [النساء: من الآية 11].
وقد لا يطابق الضمير معنى مثل: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ} [المؤمنون: 13]. فالضمير يعود على الإنسان باعتبار اللفظ، لأن المجعول نطفة ليس الإنسان الأول.
وإذا كان المرجع صالحا للمفرد والجمع جاز عود الضمير عليه بأحدهما مثل: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا} [الطلاق: من الآية 11]
والأصل اتحاد مرجع الضمائر إذا تعددت مثل: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وهو بالأفق الأعلى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى [النجم:7 -10] فضمائر الرفع في هذه الآيات تعود إلى شديد القوى وهو جبريل.
والأصل عود الضمير على أقرب مذكور إلا في المتضايفين فيعود على المضاف؛ لأنه المتحدث عنه مثال أول: {وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائيل} [الإسراء: من الآية 2].
ومثال الثاني {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [إبراهيم: من الآية 34].
وقد يأتي على خلاف الأصل فيما سبق بدليل يدل عليه.